الحمد لله اننا لم نعد نعاني من فراغ فكري وانشغال فكري واحباط نفسي بفضل تلك الاخبار التي نسمعها كل يوم واصبح شغلنا الشاغل وهمنا الاول والاخير هو المقارنة بين حجم تلك الاحباطات وحجم تاثيرها علينا وعلى مستوى عيشنا وحياتنا ومعاناتنا وقضاء جل وقتنا في كيفية الخروج من الشهر بصحة وسلامة بدون اي جلطات مع كثرة ما ندفع وقلة ما نحصل عليه , ومتمنيين ان لا نرى احباطا اكبر مما رايناه في اليوم السابق وهذا هو همنا الاكبر اصبح الان .
بالامس طالعتنا الاخبار بالقرار التاريخي لمجلس النواب الكريم والذي تم ختم دورتهم الاستثنائية به وقد انطبق عليهم القول بان ختامها مسك , قرروا مضاعفة رواتبهم التقاعديه لتصبح ثلاثة الاف دينار بدلا من الف وخمساية دينار واسوة باصحاب المعالي الوزراء , ولا الومهم على هذا اطلاقا ولا يجوز لنا لومهم اصلا طالما ان لا احدا احسن من احد وهذا وذاك يخدم الوطن وبنفس الحجم والاهمية والاعتبارية , وقد يكون ذلك من باب العدالة التي نرجو ان نلمسها جميعا ونحس بطعمها الذي اشتقنا اليه كثيرا وليس فقط السادة النواب وحدهم .
نعم انا اتفق بانه لا يجب ان يكون هذا الفرق الشاسع ما بين تقاعد الوزير وتقاعد النائب , رغم انه يفترض ان لا تكون المكاسب المادية هي احدى اهداف نوابنا ولا اعتقد ان من انتخبهم اراد لهم او توقع منهم ان يبحثوا عن او يحققوا مكاسب مادية من خلال تكليفهم بهذا الواجب الوطني الكبير بقدر ما اراد ان يكونوا ممثلين له ومدافعين عنه وخادمين للوطن ولو علمنا ان المكاسب المادية هي احد اهدافهم لما خرج احدا من بيته ومنحهم صوتا , وعلى اية حال وبعيدا عن التنظير والحديث في المثاليات اتساءل وبكل حيرة واستغراب وفي ظل مثل هذه الظروف الصعبة جدا التي يمر بها الوطن وفي مثل هذه الظروف التي تمر بها الخزينة التي اسميتها سابقا بالحزينة هل من المناسب اتخاذ مثل هذا القرار ! وهل هذة الحزينة تستحمل تبعات هذا القرار ! .
ان كان لا بد من العدالة والمساواة بين الراتب التقاعدي للوزير والراتب التقاعدي للنائب فلماذا لم يتم تخفيض راتب الوزير الى الفين مثلا ورفع راتب النائب ليصبح الفين وفي ذلك تحقيقا للعدالة وارضاءا لنوابنا الكرام ودرسا جيدا للمواطن واشعارة بان الحكومة واعضاءها يشعرون مع المواطن ويتاثرون بالاوضاع الاقتصادية كما يتاثر المواطن .
على اية حال اعلم انني اتكلم في المستحيل واتكلم بما هو لا منطقي وغير مقبول بل مرفوض كل الرفض ان لم يكن خروجا عن الملة , ولكن اتساءل وبعد كل هذا مالذي سيقنع المواطن المسكين الذي يعاني من الفقر المدقع ونحن كثر جدا من سيقنعنا بان خزينتنا تعاني ومن سيقنعنا بان هناك خوف من انهيار اقتصادنا ومن سيقنعنا بان هناك خوفا على الدينار ومن سيقنعنا بان نتحمل المزيد من رفع الاسعار والمزيد من فرض ورفع الضرائب على المواد الاساسية قبل التكميلية ومن سيقنعنا بان ما نتحملة هو خدمة للوطن وليس خدمة لاصحاب المعالي والسعادة وزيادة رواتبهم وزيادة حجم رفاهيتهم !؟.
لقد تحمل المواطن كثيرا وفوق كل طاقته واصبح يعاني الامرين في سبيل اطعام اطفاله وكسوتهم , تحمل رفع الاسعار التي شملت كل صغيرة وكبيرة وتقبل كل ذلك من اجل عيون الوطن وبسبب حبه وعشقه لوطنه وقبل ان يعيش في في تقشف تاما من اجل ان يبقى الوطن عامرا وصامدا , ومن حقة ان يرى ان الجميع يشارك في تحمل هذه المسؤولية تجاة الوطن وليس هو وحدة , فليس من المعقول بشيء وليس من المنطق بشيء ان يتقشف المواطن وحده والمسؤول يتبحبح , والا فالمعادلة اصعب واقسى من هذا بكثير .
اما ان كان وضع خزينتنا قد تعافى وتحسن ويسمح بمضاعفة الرواتب وزيادة الرفاهية باشكالها المختلفة مثل شراء سيارات فارهة او تجديد اثاث وسفرات وغيرها فالامر مختلفا تماما هنا ولا يحق لنا ان نعترض على هذا ابدا ولكن بالمقابل يحق لنا ان نطالب بان يتم تحسين ظروف عيش المواطن ولو بقدر يسير وتعويضه عما تاكل من راتبه الحزين مع التوقف التام عن رفع سعر اي مادة والتوقف التام عن فرض او زيادة اية ضريبة .
على اية حال لا نملك الا ان نقول اللهم احفظ هذا البلد واحميه.